إجراءات التحفيظ العقاري:
لتحميل هذا الموضوع سوف تجدون الرابط أسفل المقال.
تهدف إجراءات التحفيظ العقاري إلى إضفاء طابع نهائي للوضعية القانونية للعقار وإخضاعه لنظام الشهر العيني.
تبدأ هذه الإجراءات بإيداع مطلب التحفيظ، مرورًا بعمليات التحديد المؤقت والنهائي، وإمكانية تقديم التعرضات، وصولًا إلى تأسيس الرسم العقاري.
أولا: مطلب التحفيظ:
يُقصد بمطلب التحفيظ التصريح أو الطلب الذي يتقدم به طالب التحفيظ لتسجيل عقاره.
يُقدم هذا المطلب للمحافظة العقارية، حيث يباشر المحافظ مجموعة من الإجراءات المسطرية والعملية التي تنتهي بتحفيظ العقار.
1. الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ:
حدد المشرع المغربي في المواد 10، 11، و 12 من ظهير التحفيظ العقاري الأشخاص الذين يحق لهم ممارسة هذا الحق على سبيل الحصر، وهم:
أ-مالك العقار المطلوب تحفيظه أو نائبه القانوني (كالوكيل)، سواء كان المالك شخصًا طبيعيًا أو معنويًا.
ب-الشريك على الشياع، مع حفظ حق شركائه في الأخذ بالشفعة إذا توافرت شروطها.
ت-أصحاب الحقوق العينية التالية:
حق الانتفاع.
حق السطحية.
حق الكراء طويل الأمد.
حق الزينة.
حق الهواء والتعلية.
حق الحبس. (المادة 10 من ظهير التحفيظ العقاري).
ج-كل شخص يتمتع بحق من حقوق الارتفاق العقارية.
خ-الدائن الذي لم يقبض دينه عند حلول أجله، يجوز له طلب التحفيظ بناءً على قرار قضائي صادر لصالحه بالحجز العقاري ضد مدينه (الفصل 11 من ظهير التحفيظ العقاري).
د-النائب الشرعي، سواء كان وليًا أو وصيًا أو مقدمًا، له إمكانية تقديم مطلب التحفيظ باسم المحجور أو القاصر، عندما تكون للمحجور أو القاصر حقوق تسمح له بتقديم الطلب لو لم يكن محجورًا أو قاصرًا (الفصل 12 من ظهير التحفيظ العقاري).
2. البيانات والشروط الواجب توافرها في مطلب التحفيظ:
استوجب الفصل 13 من ظهير التحفيظ العقاري، المعدل والمتمم بمقتضى القانون رقم 14.07، شروطًا في مطلب التحفيظ تتمثل في البيانات التالية:
أ-الاسم الشخصي والعائلي لطالب التحفيظ:
مع بيان صفته، محل سكنه، حالته المدنية، وجنسيته. وإن اقتضى الحال، اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو أي اتفاق تم طبقًا للمادة 49 من مدونة الأسرة. في حالة الشياع، يتضمن المطلب نفس البيانات المذكورة لكل شريك، مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم تفاديًا لأي نزاع لاحق حول الأنصبة المشاعة. إذا كان طالب التحفيظ شخصًا معنويًا، فيجب بيان تسميته، شكله القانوني، مقره الاجتماعي، واسم ممثله القانوني.
ب-وصف العقار المطلوب تحفيظه:
بيان نوعه ومشتملاته، البنايات والأغراس الموجودة به، موقعه ومساحته وحدوده، الأملاك المتصلة والمجاورة له، وأسماء وعناوين أصحابها لتمكين المحافظ من تبليغهم بيوم التحديد. وإن اقتضى الحال، يجب ذكر الاسم الذي يُعرف به العقار لتمييزه عن غيره.
ت-مساحة العقار:
بالهكتار أو المتر المربع، وهي مساحة تقريبية يصرح بها طالب التحفيظ، ولن تصبح نهائية إلا بعد التحديد النهائي.
ج-تقدير القيمة التجارية للعقار:
وقت تقديم مطلب التحفيظ، علمًا أن أغلب طالبي التحفيظ يمتنعون عن التصريح بالقيمة الحقيقية، مما يضطر المحافظ إلى إعادة النظر في القيمة المصرح بها.
خ-تعيين عنوان أو موطن مختار:
في الدائرة الترابية التابعة لنفوذ المحافظة العقارية، إذا لم يكن لطالب التحفيظ محل إقامة في هذه الدائرة.
ح-نسخة من بطاقة التعريف الوطنية أو وثيقة أخرى:
كجواز السفر، للتثبت من هوية طالب التحفيظ. إذا قدم المطلب بواسطة وكيل أو ممثل قانوني، يجب الإدلاء بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية أو أي وثيقة أخرى تثبت هوية كل من طالب التحفيظ والنائب عنه.
د-بيان حيازة العقار:
بيان ما إذا كان يحوز كل العقار أو جزءًا منه مباشرة أو عن طريق الغير. وإذا انتُزعت منه الحيازة، يتعين بيان الظروف التي تم فيها ذلك.
ذ-بيان مصدر أو أصل التملك.
و-الإدلاء بجميع الأصول أو النسخ الرسمية للعقود والرسوم والوثائق:
التي من شأنها أن تُعرف بحق الملكية، وبالحقوق العينية المترتبة على الملك.
ر-إمضاء طالب التحفيظ لمطلب التحفيظ:
إذا كان لا يستطيع التوقيع، يشير المحافظ إلى ذلك ويشهد بأن المطلب قد قُدم إليه من طرف المعني بالأمر بعد التحقق من هويته. يُطلب من المعني بالأمر عادةً تصحيح الإمضاء لدى السلطات المختصة قبل قبول إيداع مطلبه، زيادة في التحري وضبط الهوية.
3. إجراءات المحافظ بعد تقديم المطلب:
عندما يقدم طالب التحفيظ تصريحه مرفقًا بالبيانات والوثائق المذكورة أعلاه للمحافظ على الأملاك العقارية فالمحافظ يقوم بما يلي:
-يسلمه المحافظ وصلًا بذلك، للحفاظ على حقوق طالب التحفيظ من الضياع.
-يحدد له أجلًا لدراسة تصريحه وأداء الرسوم في حالة قبول مطلب التحفيظ، أو تحرير رفض معلل إذا كان هناك مانع يحول دون قبوله، وذلك لتمكين طالب التحفيظ من الطعن في القرار إذا لم يقتنع به.
ثانيا: مرحلة الإشهار:
بعد تقديم مطلب التحفيظ وفق المسطرة المشار إليها، يشرع المحافظ العقاري في عملية التحفيظ بنشر إعلان إيداع مطلب التحفيظ والقيام بعملية الإشهار لضمان الشفافية.
1. إجراءات الإشهار:
أ-النشر في الجريدة الرسمية:
ينص الفصل 17 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل بمقتضى القانون 14.07 على أن المحافظ على الأملاك العقارية يقوم، داخل أجل عشرة أيام من إيداع مطلب التحفيظ، بتحرير ملخص له ونشره في الجريدة الرسمية، ويبلغ مضمونه للعموم بالوسائل المتاحة.
ب-تحرير إعلان التحديد:
بعد نشر الملخص، يحرر المحافظ، داخل أجل شهرين من تاريخ هذا النشر، إعلانًا يضمنه تاريخ ووقت إجراء التحديد.
ت-التبليغ للمؤسسات المعنية:
يوجه المحافظ على الأملاك العقارية نسخًا من الوثائق المشار إليها في الفصل 17، مقابل إشعار بالتوصل، إلى رئيس المحكمة الابتدائية، وممثل السلطة المحلية، ورئيس المجلس الجماعي، الذين يقع العقار المعني في دائرة نفوذهم. يتم ذلك قبل التاريخ المعين للتحديد بعشرين يومًا (الفصل 18 من الظهير المعدل).
د-التعليق والإشهار العمومي:
يقوم كل من هؤلاء(المذكورن في الإجراء ت أعلاه) لزومًا بتعليق الوثائق المذكورة في مقر إدارتهم، ويعملون على إبقائها معروضة على أنظار العموم إلى اليوم المعين للتحديد (الفصل 18 من الظهير المعدل).
كما يقوم ممثل السلطة المحلية بإشهار ملخص المطلب والإعلان عن تاريخ ووقت التحديد في الأسواق الواقعة في دائرة نفوذه إلى يوم التحديد (الفصل 18 من الظهير المعدل).
2. أهمية الإشهار:
تظهر أهمية الإشهار في عملية التحفيظ من خلال إخبار الجمهور بموضوع مسطرة التحفيظ، مما يتيح لكل من له مصلحة إبداء رأيه وملاحظاته. ويتم ذلك عن طريق:
-قيام المحافظ على الملكية العقارية بنشر ملخص مطلب التحفيظ في الجريدة الرسمية وتعليقه، مع الإعلان الذي يتضمن تاريخ التحديد وكل المعلومات التي تعرف بالعقار.
-قيام رئيس المحكمة الابتدائية وممثل السلطة المحلية بتعليق ملخص عن مطلب التحفيظ وإعلان يوم التحديد في مقرات إداراتهم، لإعلام العموم وتمكينهم من التدخل في المسطرة إذا كان الأمر يعنيهم.
ثالثا: مرحلة التحديد:
بمجرد نشر خلاصة مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية، يتم الشروع في عملية التحديد، حيث تُرسل نسخة من هذه الخلاصة إلى مصلحة الهندسة التي تقوم بالآتي:
-برمجة مطلب التحفيظ ضمن قائمة المطالب المراد تحديدها.
-إشعار مصلحة المحافظة لتوجيه الاستدعاءات لمن يهمهم الأمر، والذين يستدعي حضورهم بصفة شخصية، أو حضور من ينوب عنهم بمقتضى وكالة صحيحة.
1. الأشخاص المستدعون لحضور عملية التحديد:
بناءً على مقتضيات الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري، المعدل بمقتضى القانون 14.07، يتمثل هؤلاء الأشخاص في:
-طالب التحفيظ منفردًا، أو الشخص الذي فوض له ذلك من قبل باقي الشركاء إذا كانوا متعددين.
-أصحاب العقارات المجاورة وأصحاب الارتفاقات المبينة في مطلب التحفيظ.
-المتعرض أو المتعرضون الذين تقدموا بتعرضاتهم وفق المسطرة القانونية، وتم إيداعها في سجل الإيداع طبقًا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري.
2. توجيه الاستدعاءات وإجراءات الحضور:
-يتسلم طالب التحفيظ الاستدعاء فور أدائه الواجبات المستحقة على إيداع المطلب.
-يطلب المحافظ بمقتضى تلك الاستدعاءات من الأشخاص المذكورين أعلاه الحضور بأنفسهم أو بواسطة من ينوب عنهم بمقتضى وكالة قانونية.
-من الناحية العملية، قد يقوم المهندس الطبوغرافي المحلف بعملية التحديد المؤقت رغم عدم حضور المعني بالأمر أو نائبه، ويكتفي بالتنصيص في محضر التحديد على أن التحديد أجري بحضور فلان نيابة عن المعني بالأمر دون الإشارة إلى الإدلاء بالوكالة. في هذه الحالة، يراسل المحافظ طالب التحفيظ للإدلاء بموافقته على عملية التحديد التي تمت دون حضوره، لاستكمال مراحل التحفيظ.
-يجب توجيه الاستدعاءات قبل اليوم المعلن عنه لإجراء عملية التحديد بـ عشرة أيام على الأقل، وذلك بواسطة عون المحافظة العقارية أو عن طريق البريد المضمون، أو عن طريق السلطة المحلية، أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ.
-إذا لم يحضر طالب التحفيظ بسبب عدم توصله بالاستدعاء أو تعذر عليه الحضور لسبب آخر، فإنه يجب على المساح الطبوغرافي المحلف تأجيل عملية التحديد بموافقة المعنيين بالأمر، رغم صراحة مقتضيات الفصل 22 من ظهير التحفيظ العقاري التي تنص على أنه: "إذا لم يحضر طالب التحفيظ أو من ينوب عنه في المكان والتاريخ والوقت المعينين لإنجاز عملية التحديد، فلا يتم إنجازها ويقتصر في المحضر على إثبات هذا التغيب".
3. المشرفون على عملية التحديد:
حسب مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتسيير عمليات التحديد، ويمكن أن ينتدب لهذه الغاية:
-المهندس المساح الطبوغرافي المحلف الذي ينتمي لمصلحة المسح العقاري.
-المهندس المساح الطبوغرافي المحلف الذي ينتمي إلى القطاع الخاص، المسجل بجدول الهيأة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين.
-التقنيون الطبوغرافيون المرسمون المحلفون التابعون لمصلحة المسح العقاري.
4. محضر التحديد المؤقت:
يجب على المهندس المساح الطبوغرافي المحلف المنتدب أن يحرر محضر التحديد المؤقت عند الانتهاء من العملية، وينبغي أن يتضمن ما يلي:
-تاريخ ووقت العملية (سواء أنجزت في مرة واحدة أو عدة مرات).
-الأسماء الشخصية والعائلية للحاضرين، وصفاتهم، ومراجع الوثائق التي تثبت هوياتهم وعناوينهم.
-الوثائق المدلى بها من قبل الأطراف (كالوكالة التي يدلي بها الوكيل عن موكله).
-مختلف الأحداث التي وقعت أثناء عملية التحديد وتصريحات الأطراف المتدخلة فيها دون زيادة أو نقصان.
-معاينات البحث ومواصفات ومميزات ومشتملات العقار (الربى والوهاد والممرات والطرق والغدران ومجاري المياه، وكل توابع الملك العمومي والبناءات والآبار والبساتين والأغراس والمزروعات، مع بيان أسماء الحائزين عند الاقتضاء، والمقابر والأضرحة إلى غير ذلك).
-وصف موقع الأنصاب وعددها، ووصف حدود العقار والأجزاء المشمولة به.
-الاتفاقات التي تمت بين الأطراف أثناء إجراء التحديد.
يوقع محضر التحديد من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المحلف بصفة شخصية مع طالب التحفيظ، وكل الأشخاص الذين حضروا هذه العملية، وإلا يُنص على أنهم لا يستطيعون التوقيع أو أنهم امتنعوا عن ذلك. ونشير في هذا الصدد إلى أنه لا يمكن الطعن في ذلك المحضر سوى بالزور، لكونه يُعد وثيقة رسمية صادرة عن شخص محلف.
رابعا: التعرضات:
تخضع مسطرة التحفيظ لعدة مراحل يجب اتباعها من طرف كل من المحافظ على الأملاك العقارية وطالب التحفيظ.
تبدأ المسطرة بتقديم مطلب التحفيظ الذي يخضع لعملية الإشهار، ثم عملية التحديد التي يقوم بها المهندس الطبوغرافي لضبط حدود العقار ومعالمه ومشتملاته ومساحته، ثم نشر الإعلان عند انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية.
1. شروط تقديم التعرض ومفهومه:
يجب الإشارة في نفس الإعلان إلى أنه:
-يمكن لكل شخص أن يتدخل عن طريق التعرض خلال أجل شهرين.
-إذا لم يظهر أي متعرض طيلة مسطرة التحفيظ، يتخذ المحافظ قرارًا بشأن التحفيظ إما بالقبول أو الرفض.
تعريف التعرض:
هو ادعاء يقدم ضد طالب التحفيظ، ينازع بمقتضاه المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ، أو في مدى هذا الحق أو في الحدود، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا الحق وينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر له في مطلبه.
يؤدي التعرض إلى توقيف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ، إلى أن يُرفع التعرض ويُوضع حد للنزاع بتصالح الأطراف أو بقرار قضائي نهائي.
يحق لكل شخص يدعي ملكية عقار أو حق عيني عقاري موضوع مسطرة التحفيظ، أن يتدخل في هذه المسطرة عن طريق التعرض، لكن هذا التدخل ليس مفتوحًا في أي وقت، وإنما له زمن محدد قانونًا يشكل تقديمه خارج هذا الأجل مبررًا لرفضه.
2. كيفية تقديم التعرض:
طبقًا للتعديل الذي لحق الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري بمقتضى القانون رقم 14.07، فقد تم حصر الجهات التي يمكن أن تقبل التعرض على مسطرة التحفيظ في كل من المحافظ على الأملاك العقارية والمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب فقط.
يُعد هذا تعديلًا مهمًا، لكونهما المؤهلين لتلقي التعرضات والقيام بالإجراءات اللاحقة لها، خلافًا لما كان عليه الأمر قبل التعديل، إذ كان يسمح للشخص بتقديم تعرضه شفهيًا أو كتابة لدى عدة جهات.
يجب أن يصدر التعرض من شخص له صفة ومصلحة وبما أن التعرض بمثابة ادعاء ضد طالب التحفيظ، فإن المتعرض يتحمل عبء إثبات ما يدعيه حتى لو كانت حيازة العقار بيده، وهو ما درجت عليه محكمة النقض.
يقدم التعرض بواسطة تصريح كتابي أو شفوي أمام المحافظ على الأملاك العقارية، أو أمام المهندس الطبوغرافي المنتدب أثناء عملية التحديد (الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري). يؤكد العمل اليومي للمحافظات العقارية ضرورة تحرير محضر لهذا التعرض من قبل المحافظ، يُضمن فيه جميع المعلومات الضرورية التي تساعد المحكمة على البت في هذا التعرض.
3. الحقوق التي يمكن التعرض عليها:
الحقوق التي يمكن التعرض عليها هي:
-حق الملكية العقارية أو مداها أو المنازعة في حدود العقار موضوع مطلب التحفيظ.
-كل ادعاء لحق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري المراد تأسيسه.
-حقوق الارتفاق الواردة على العقار موضوع مطلب التحفيظ.
المنازعة في حق وقع إيداعه طبقًا لمقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري، المعدل بالقانون 14.07، الذي ينص على أنه: "إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه، من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير، أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك، ويقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات."
4. أجل تقديم التعرض:
خول المشرع للمتعرض تقديم تعرضه داخل أجل محدد، وإذا لم يتم تقديمه داخل ذلك الأجل، فإنه يمكن تقديمه في أجل استثنائي.
أ. أجل التعرض العادي:
يقدم التعرض طبقًا لمقتضيات الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري، كما تم تعديله وتتميمه بالقانون 14.07، داخل أجل شهرين، يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد المؤقت في الجريدة الرسمية.
هذا الأجل هو فقط للأشخاص الذين لم يعلموا قبل هذا التاريخ بانطلاق مسطرة تحفيظ تتعلق بعقار معين، فالمشرع إذن منح لهؤلاء أجل شهرين لاستدراك الوقت الذي فاتهم.
المدة العادية المسموح بها لإيداع التعرضات تبتدئ منذ إيداع مطلب التحفيظ لدى مصلحة المحافظة العقارية، وتستمر إلى غاية انتهاء أجل شهرين بعد نشر الإعلان عن انتهاء عملية التحديد، وهو ما يُستنتج من عبارة: "إن لم يكن قام بذلك الإجراء من قبل" الواردة في الفصل 24 المذكور أعلاه.
إذا مر أجل تقديم التعرضات، فإنه يمكن للمحافظ عدم الاستجابة لقبول أي تعرض جديد ولا رقابة للمحكمة على قراره. وينص الفصل 27 من ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي: "لا يقبل أي تعرض -باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29- بعد انصرام أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان بالجريدة الرسمية."
يتضح إذن أن المشرع كان صريحًا في عدم إمكانية قبول أي تعرض على مسطرة التحفيظ بعد مرور أجل الشهرين المحددة بمقتضى الفصل 24.
ب. أجل التعرض الاستثنائي:
إذا لم يتدخل المتعرض في مسطرة التحفيظ داخل الأجل العادي المحدد بمقتضى الفصل 24، فلا يبقى للمتعرض سوى مجرد حق احتمالي لقبول تعرضه، بحيث إن المحافظ على الأملاك العقارية هو الذي يملك السلطة التقديرية لقبول أو رفض هذا التعرض.
ينص الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري، الذي نُسخ النص السابق بمقتضى القانون رقم 14.07، على ما يلي: "بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه، يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة ألا يكون قد وجه الملف إلى المحكمة الابتدائية."
يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل، وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه. كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية. يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي.
-شروط قبول التعرض الاستثنائي:
بناءً على الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل بمقتضى القانون 14.07، يتضح أن الجهة الوحيدة المخول لها قبول التعرضات خارج الأجل هي المحافظ على الأملاك العقارية وذلك بعد توافر الشروط الآتية:
-ألا يكون المحافظ قد وجه الملف إلى المحكمة الابتدائية للبت في التعرضات التي تكون قد قدمت ضد مطلب التحفيظ.
-يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل.
-يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية بالعقود والوثائق والمستندات المدعمة لتعرضه.
-يتعين على المتعرض أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.
يعتبر قرار المحافظ بقبول التعرض خارج الأجل بدون مستندات، أو عدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، تعسفًا ضد طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع طبقًا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري.
كما أنه في حالة إحالة الملف على المحكمة، وبتت هذه الأخيرة في التعرضات، ثم أحيل هذا الأخير على المحافظة العقارية لاتخاذ المتعين فيه، فإنه يمنع على المحافظ قبول أي تعرض جديد على نفس المطلب، تجنبًا لعرقلة مسطرة التحفيظ وطول أمدها بعد صدور أحكام قضائية نهائية.
إضافة إلى أن الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري وردت فيه العبارة التالية: "شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية"، بمعنى أن صلاحية المحافظ تنحصر فقط منذ إيداع مطلب التحفيظ إلى غاية آخر مرحلة، والمتمثلة في إحالة الملف على المحكمة. أما بعد ذلك فلا يمكن قبول أي تعرض إطلاقًا، لأن هذا الأمر من شأنه أن يهدد استقرار المعاملات ويجعل الملكية العقارية موضوع منازعات متواترة.
5. بيانات طلب التعرض:
يجب أن يشتمل التصريح بالتعرض على مجموعة من البيانات الأساسية، تتمثل في ما يلي:
-الاسم الشخصي والعائلي للمتعرض: واسم أبيه، وحالته المدنية، وعنوانه الحقيقي أو المختار لضمان وصول المراسلات.
-اسم الملك ورسم مطلب التحفيظ: إذا تم التصريح بالتعرض على إيداع طبقًا للفصل 84، يجب ذكر تاريخ وكناش ورقم الإيداع.
-طبيعة الحق المدعى به: ومدى الحق موضوع النزاع عن طريق توضيح هل يتعلق الأمر بتعرض كلي أو جزئي أو على حقوق مشاعة مع ذكر مقدار هذه الحقوق.
-ما يثبت الصفة والهوية: عندما يتعرض الشخص بصفته وصيًا أو نائبًا قانونيًا أو وكيلًا يجب الإدلاء بما يثبت صفته وهويته.
-إمكانية تقديم التعرض باسم الغير: كالمحجورين والغائبين والمفقودين عن طريق أوليائهم. (الفصل 26 من ظهير التحفيظ العقاري)
أ. شروط استجابة المحافظ للتصريح بالتعرض:
حتى يستجيب المحافظ لتصريح المتعرض يجب أن:
-يرفق هذا التصريح بالوثائق والمستندات المثبتة للحق المدعى فيه.
-الإدلاء بكل رسم يثبت وجه مدخل المتعرض، إذا كان ناقلًا للملكية، كرسوم الأشرية أو الإرثات أو المخارجات.
إذا تم إيداع مطلبين للتحفيظ لنفس الملك، فإن القاعدة المتفق عليها قضاءً تؤكد على أن مطلب التحفيظ الثاني يُعد بمثابة تعرض على مطلب التحفيظ الأول، مما يجعل صاحب المطلب الثاني ملزمًا بإثبات ما يدعيه.
ب. إثبات الحق في التعرض:
حسب مقتضيات مدونة الحقوق العينية، يُعفى الحائز من الإثبات لأن الحيازة -بشروطها- دليل على الملك إلى أن يثبت العكس. أما إذا أدلى المتعرض بالمستندات المثبتة لادعائه فيكون محقًا في ادعائه، وبالتالي فهو أولى بالملك موضوع التعرض، لضعف وثائق طالب التحفيظ أو عدم صحتها إطلاقًا.
في حالة تقديم عدة تعرضات على نفس مطلب التحفيظ، يلزم أن يقدم كل متعرض مستنداته ومؤيداته. أما إذا كان التعرض منصبًا على جزء من العقار، فلا بد من إعادة عملية التحديد للتعرف على نطاق التعرض الجزئي بشكل واضح وصحيح.
6. مصاريف التعرض:
يتعين على المتعرض أن يؤدي المصاريف القضائية وحقوق المرافعة تحت طائلة اعتبار تعرضه لاغيًا، وذلك بناءً على مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري التي تنص على ما يلي: "يعتبر التعرض لاغيًا وكأن لم يكن، إذا لم يقدم المتعرض خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 من هذا القانون، الرسوم أو الوثائق المؤيدة لتعرضه، ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية."
تقدر قيمة الرسوم القضائية بـ 150 درهمًا، في حين تستخلص 10 دراهم عن حقوق المرافعة في الأحوال العادية.
أ. مصاريف التعرض الجزئي:
إذا كان التعرض جزئيًا ويستلزم خروج المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب إلى عين المكان لتحديد وعاء التعرض، فإنه يستخلص عن ذلك مبلغ:
-300 درهم إذا كان العقار داخل المجال الحضري.
-450 درهم إذا كان العقار خارج المجال الحضري.
تُستخلص نفس الرسوم القضائية وحقوق المرافعة عن كل تعرض في حالة تقديم عدة تعرضات على نفس المطلب.
أما في الحالة التي يكون فيها مطلبان للتحفيظ في وضعية تعرض متبادل بينهما، سواء كان ذلك جزئيًا أو كليًا، فإن هذا النوع من التعرضات معفى من الرسوم القضائية ومن حقوق المرافعة.
ب. شروط قبول التعرض المتعلقة بالرسوم:
من شروط قبول التعرض المقدم بمقتضى تصريح صادر عن كل شخص يدعي ملكية الحق أو العقار موضوع مسطرة التحفيظ:
-ضرورة أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة عن كل تعرض مقدم، تحت طائلة إلغاء التعرض قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض.
-إذا لم يؤد المتعرض الرسوم الواجبة، ولم يثبت حصوله على المساعدة القضائية أو طلبها ورُفض طلبه، فإن المحافظ يتخذ قرارًا باعتبار التعرض لاغيًا، وقراره هذا قرار نهائي غير قابل لأي طعن.
خامسا: قرارات المحافظ على الأملاك العقارية:
يملك المحافظ على الأملاك العقارية سلطات واسعة في مجال التحفيظ، بحيث يتخذ قرار القبول كلما اقتنع بصحة مطلب التحفيظ أو التعرض. أما إذا بدا له أن الشروط القانونية لا تتوفر سواء في مطلب التحفيظ أو التعرض، فإنه قد يتخذ قرار الرفض أو الإلغاء.
1. إلغاء التعرض لعدم الإدلاء بالمستندات:
لصحة التعرض على مسطرة تحفيظ ملك معين، يتعين على المتعرض تقديم المستندات المثبتة للحق المدعى به. إلا أنه يمكن قبول التعرض رغم عدم الإدلاء بأي مستندات ووثائق، وفي هذه الحالة يلتزم المتعرض بتقديم كل وثيقة تثبت الحق المدعى به في تاريخ لاحق أقصاه قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض طبقًا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 25 التي تنص على ما يلي: "يجب على المتعرضين أن يودعوا المستندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، أو يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية، وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض."
وتبعًا لذلك، يحيل المحافظ الملف على المحكمة للبت في التعرض غير المؤيد بالمستندات الصحيحة، والمحكمة في هذه الحالة لا تتردد في إلغاء ذلك التعرض.
2. الغرامة في حالة التعسف أو الكيد:
إذا ثبت للمحكمة بعد البت في التعرض أن صاحبه مجرد متعرض كيدي، أو اتضح لها أن طالب التحفيظ كان متعسفًا في تقديم مطلبه، فقد نص الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: "كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية، يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به، والكل دون المساس بحق الأطراف المتضررة في التعويض."
إن المحكمة التي أُحيل عليها مطلب التحفيظ لها صلاحية الحكم تلقائيًا بالغرامة والبت عند الاقتضاء في طلبات التعويض.
يتضح إذن أن ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14.07 جاء بوسيلة فعالة لحماية الملكية العقارية، تتمثل في سياسة الردع بالنسبة لكل طالب تحفيظ أو متعرض ثبت سوء نيته أو كيده أو تعسفه، عن طريق الحكم عليه تلقائيًا بغرامة مالية لصالح صندوق الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية، لا تقل قيمتها عن عشرة في المائة من قيمة الحق والعقار المتنازع عليه، إضافة إلى إمكانية تعويض الطرف المتضرر.
3. إلغاء التعرض لعدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة:
إذا لم يتم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة من قبل المتعرض داخل الأجل القانوني، المحدد بمقتضى الفقرة الثالثة من الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري، فإن المحافظ على الأملاك العقارية يلغي ذلك التعرض.
بل إن القضاء ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يتعامل مع التعرضات بحزم شديد عن طريق إلغائها، كما في حالة تقديم المتعرض المستندات والوثائق وأداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، ولم يؤد رسومًا أخرى كرسوم الخبرة مثلًا.
خلاصة القول:
إن قبول التعرض ضد مسطرة التحفيظ يقتضي:
-تقديم التصريح أمام المحافظ على الأملاك العقارية أو المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب في الأجل المحدد.
-إرفاقه بالمستندات والوثائق المثبتة للحق المدعى به.
-أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة تحت طائلة إلغاء التعرض.
وبالتالي، فحينما يحال على المحافظ تعرض معين، فعليه تبليغ مضمونه لطالب التحفيظ للعمل على رفعه، أو التصريح بقبوله في حالة عجزه عن ذلك، في انتظار البت فيه من قبل القضاء، ومن ثم اتخاذ قرار التحفيظ بناءً على الحكم بعدم صحة التعرض، أو الحكم بإلغاء مطلب التحفيظ حين يقضي الحكم بصحة التعرض كليًا.
لتحميل الموضوع المرجوا الضغط هنا رابط التحميل .
--------------------------
لائحة المراجع:
-ظهير التحفيظ العقاري، المعدل والمتمم بمقتضى القانون رقم 14.07.
-محاضرات في مادة القانون العقاري للأستاذة علاوي فاطمة الزهراء.